وأخيراً، إنّه الأربعاء الأخير .. الذي بدأه الزملاء بقبض نصف معاش، هو عبارة عن قروش لا تتجاوز نصف الحدّ الأدنى للأجور، ومعه عبّر الجميع عن فرحتهم العارمة بالدموع والعويل.
انتهى يومنا باكراً، مع انتهاء نصف كيلو المخلوطة -الذي لم أذق منه حبّة حمص بالمناسبة-، فاجتمعنا حول الباص نُخطّط للائحة طعام يوم الاثين، قبل أن يُقنعني السائق بالجلوس بجانبه.
- قالبٌ من الكيك، عصير، معجنات، ..
- نعم، نريد فوشار أيضاً ..
- بييبب .. -زمّر السائق، ليدعونا للانطلاق-
لم تمض لحظات، وقبل أن نغادر مدينة بيروت اتفق الجميع على طلب السندويشات، وأطايب الطعام من أحد مطاعم جونية، على أن نتوقف لاستلام ما طلبناه فقط.
فعلاً، بعد عشرين دقيقة من الانتظار، مشينا وقد اتفق الجميع على التوقف لأخذ الحلوى من مطعم على طريقنا.
آخذت رائحة التوم المقوى تعبأ في الأجواء، وتتسلّل لتداعب الصمت الذي ساد فجأة. انتبهت لهذا الأمر بعد خمس دقائق، فالتفت من مقعدي الأمامي، لأرى أربعاً وعشرين زوجاً من العيون ترمقني بانشغال.
هذه تلتهم سندويشة من الشاورما، وتلك تأكل سندويشة من السمك، وهذا يأكل قطعاً من الكريسبي، أمّا تلك فتُضيّف الزملاء قطعاً من صحن الورق عنب. غير أنّ الأجمل فهي تلك الزميلة التي وضعت أمامها فروجاً وراحت تُقنع نفسها أنّ بإمكانها التهامه بشوكة وسكين بلاستيكيّة، قبل أن تصرخ:
- خلاااص، لا أعرف أن آكل هكذا، أريد خبزاً .. !!!
- صراحة، كأنّ وزني قد ازداد أربعة كيلو بعد كلّ هذا الأكل! -قالت زميلة-
- هييه، إضوي لنا المذياع، فهي"إل فو آندادت لو شانسون" -خاطبت زميلتنا السائق-
- نعم !!! ماذا تريدين؟! -أجابها ذاهلاً دون أن يفهم ماذا تقصد-
- ضع لنا قدوداً حلبيّة!
- أمّانيه .. أمّانيه .. أمان الأمّان .. -راح زميلنا يصدح بالغناء-
- اسكت .. اسكت .. دعنا نستمع! - راح الجميع يطلب منه السكوت-
انتقلنا سريعاً من لحظات الصمت، والتهام الطعام، إلى لحظات الكلام. من لحظات انعدام التأمل والسلام، إلى لحظات الفرح المجنون لقرب انتهاء الفصل الأول، لحظات الازعاج والانزعاج. إنّها لحظات الصخب الناتح عن أكل التوم -الفاسد كما يبدو-!!
لحظاتٌ تافهة، فمع كامل الأسف، في اللحظات التي كان يتمّ إعلان الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب، كُنّا نُطرب بسرور مع: "على العقيق اجتمعنا، نحنا وسود العيون".!!!!
أحمد هاجر- 6-12_2017
انتهى يومنا باكراً، مع انتهاء نصف كيلو المخلوطة -الذي لم أذق منه حبّة حمص بالمناسبة-، فاجتمعنا حول الباص نُخطّط للائحة طعام يوم الاثين، قبل أن يُقنعني السائق بالجلوس بجانبه.
- قالبٌ من الكيك، عصير، معجنات، ..
- نعم، نريد فوشار أيضاً ..
- بييبب .. -زمّر السائق، ليدعونا للانطلاق-
لم تمض لحظات، وقبل أن نغادر مدينة بيروت اتفق الجميع على طلب السندويشات، وأطايب الطعام من أحد مطاعم جونية، على أن نتوقف لاستلام ما طلبناه فقط.
فعلاً، بعد عشرين دقيقة من الانتظار، مشينا وقد اتفق الجميع على التوقف لأخذ الحلوى من مطعم على طريقنا.
آخذت رائحة التوم المقوى تعبأ في الأجواء، وتتسلّل لتداعب الصمت الذي ساد فجأة. انتبهت لهذا الأمر بعد خمس دقائق، فالتفت من مقعدي الأمامي، لأرى أربعاً وعشرين زوجاً من العيون ترمقني بانشغال.
هذه تلتهم سندويشة من الشاورما، وتلك تأكل سندويشة من السمك، وهذا يأكل قطعاً من الكريسبي، أمّا تلك فتُضيّف الزملاء قطعاً من صحن الورق عنب. غير أنّ الأجمل فهي تلك الزميلة التي وضعت أمامها فروجاً وراحت تُقنع نفسها أنّ بإمكانها التهامه بشوكة وسكين بلاستيكيّة، قبل أن تصرخ:
- خلاااص، لا أعرف أن آكل هكذا، أريد خبزاً .. !!!
- صراحة، كأنّ وزني قد ازداد أربعة كيلو بعد كلّ هذا الأكل! -قالت زميلة-
- هييه، إضوي لنا المذياع، فهي"إل فو آندادت لو شانسون" -خاطبت زميلتنا السائق-
- نعم !!! ماذا تريدين؟! -أجابها ذاهلاً دون أن يفهم ماذا تقصد-
- ضع لنا قدوداً حلبيّة!
- أمّانيه .. أمّانيه .. أمان الأمّان .. -راح زميلنا يصدح بالغناء-
- اسكت .. اسكت .. دعنا نستمع! - راح الجميع يطلب منه السكوت-
انتقلنا سريعاً من لحظات الصمت، والتهام الطعام، إلى لحظات الكلام. من لحظات انعدام التأمل والسلام، إلى لحظات الفرح المجنون لقرب انتهاء الفصل الأول، لحظات الازعاج والانزعاج. إنّها لحظات الصخب الناتح عن أكل التوم -الفاسد كما يبدو-!!
لحظاتٌ تافهة، فمع كامل الأسف، في اللحظات التي كان يتمّ إعلان الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب، كُنّا نُطرب بسرور مع: "على العقيق اجتمعنا، نحنا وسود العيون".!!!!
أحمد هاجر- 6-12_2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق