انهمر المطر غزيراً بينما كنت مارّاً في ساحة التلّ، فأسرعت نحو أول سيارة أجرة لأرمي بنفسي بداخلها. ورغم أنّ الوقت قد تجاوز التاسعة ليلاً فإنّ الأضواء البرتقاليّة المنبعثة من لمبات البلديّة سمحت لي بملاحظة بهتان لون السيارة الرماديّة. كانت ذات هيكلٍ حديديٍّ مهترء، مقاعدها الجلديّة ممزّقة، وقد انتزع من داخلها الراديو، فبدت الأشرطة الكهربائيّة ظاهرة للعيان.
وجدّت العشر دقائق التي مضت، مدّة طويلة بسبب الازدحام الكثيف، وهذا ما جعلني أشعر بالتعب، فأتكأت تلقائيّاً على يد الباب. إذ به يتحرّك ويُفتح قليلاً.
- بسم الله .. -تمتمّت، وقد أمسكت بالباب لأغلقه مسرعاً-
- أوف .. الله ستر -قال السائق- ثم أردف بقوله:
- كيف لم تنتبه إلى أنّ الباب مفتوحاً؟! ألم تصلك نفحة من الهواء البارد؟!!
تنقلّت هذا اليوم في أكثر من خمس سيارات أجرة، وبما أنّ الجو ماطرٌ، والطقس عاصفٌ، كنت أنزع الشال في كلّ مرّة لأعود لوضعه حال نزولي من السيارة، قبل تعرّضي للهواء البارد.
هكذا كنت أفكّر، قبل أن أجيب السائق:
- للأسف، تركت الشال الصوفيّ ملفوفاً حول رقبتي!!!
- الحمد لله، المهم أنّها سليمة!!!
- يظهر أنّي لم أغلق الباب من الأساس، ربّما كنت شارد الذهن .. عذراً .. -قلت بصوت خافت-
- له .. له، ولا يهمك، أصلاً السيارة عمرها أكثر من خمسين سنة، والباب يلزمه خبطة قويّة لحتى يُغلق!!!
- الله يباركلك فيها، وتعيش معك لخمسين سنة قادمة!!
- شكراً، على فكرة الحدّاد قال لي استبدل السيّارة، لكن ما باليد حيلة!!!
- الله كريم ورزاق ...
وصلت أخيراً إلى وجهتي، لففت الشال حول عنقي، ترجّلت من السيارة وتأكدّت من إغلاقي الباب بإحكام عبر خبطةٍ قويّة!!!أحمد هاجر- 14-2-2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق