واختفى السهل والغيم





بعد سيرٍ طويل، رافقنا معه صفاء الجو وجماله، لاح لنا الجون، فإذ بالسماء ترمي زخات لطيفة من المطر، ابتلّت معها الأرض فترنّحت عليها السيارات كقطعٍ من الصابون.

لا ريب أن ذوبان الشاطئ مع اليابس، واقتراب الجبال المرتفعة من مياه البحر، هو سببٌ رئيسيّ في نشوء هذا المشهد الخلّاب. لقد بدا الجوّ بديعاً مع تلك الثقوب البيضاء التي مزّقت سواد الغيوم، وسمحت لذاك الشويعاعٌ الشمسيّ أن يُضفي على الطبيعة رونقاً يسحر العقول ويأخذ بالألباب. ثمّ بدا الماء رقراقاً، هادئاً ينساب في حركة هي أقرب منها للثبات، وقد ارتفع قليلاً وزحف رويداً رويداً نحو العمران ليتصارعان أيّهما يلتهم الشاطئ أولاً.

لكن، ما إن ابتعدنا قليلاً، وبدأ السهل بالإتساع، حتى اختفى الغيم وجفّ المطر، فكأنّما تشاجرت المياه مع الجبال فافترقا فراقاً بائناً، وتباعدا كتباعد البشر عند الخصام، وربّما هذا ما يُفسّر سبب هيجان الريح التي بدأت تعصف، ليتبعها بعد سويعات قليلة بكاءً سماوياًّ غزيراً.

أحمد هاجر- 16-10-2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق