المقامة الخريفيّة

هواء الخريف، لطيفٌ خفيف، يُضفي على الدنيا جمالُ الألوان، ويسحر الإنسان، بمناظر خلّابة، ومشاهد جذّابة، 
تُحفّز الفنّ والإبداع، وتُغيّر الأطباع، من الكسل والسلبيّة، نحو العمل والإيجابيّة.

لعمري، هو يتوسّط الصيف والشتاء، فتعتدل فيه حرارة الأجواء، وتستعدّ الدنيا فيه للمطر، كاستعداد عازفٍ يشُدُّ الوتر، لتبدأ الطيور بالهجرة والغناء، وتُسرع بعض الحيوانات للاختباء، لترقد في بياتِها الشتويّ، ليطول نومها ا
لهنيّ، تحت تساقط أوراق الأشجار، التي اصفرّت من بعد اخضرار.

مع ذلك فَبِهِ تبدأ الدراسة، وتنتهي الشراسة، مع عودة الطلّاب، لتعلّم الحساب، وكلّ المعارف والعلوم، وشتّى الألعاب والرسوم، وهذا كفيلٌّ بشحذ الأذهان، وتنبّه الآذان، الطامحة بأعلى مراتب النجاح، فهي بجِدِّها تلقى الارتياح.

وأما قولُ الإمام عليّ، عليه رضوان العليّ: "تجنّبوا هواء الخريف ، فإنه يفعل بكم ما يفعل بأوراق الشجر" فنقول دون تسويف، أنّ ذاك الكلام من الدُرر، إذ أنّ المقصود لا بُدّ كان ضعيف، مصفَرّ الجسم أو نحيف، فالأمراض تنتشر كثيراً في هذا الفصل، حتى بتنا نلاحظ ازدياد الناس التي تُعلّق المصل، لذلك وَجَبَ من ذلك التحذير، ليُسرع الناس لتناول الإكسير، ليبقى في بدنهم الشفاء، ويبتعدوا عن مختلف الأدواء، فتنتشر بين الناس السلامة، أفلم تكن تلك النصيحة من الشهامة؟!

أحمد هاجر- 20-10-2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق