العطلة المفاجئة


وهل أجمل من عطلة مفاجئة؟!! 

رنّت الساعة السادسة معلنة أنّ وقت النوم قد ولى، وحان أوان الانتباه والاستيقاظ. 

إنّه نهار السبت، اليوم الأكثر تعباً بالنسبة لي، حيث يجتمع فيه العدد الأكبر من حصصي التعليميّة. 

عليّ إذاً تجهيز أغراضي والانطلاق مسرعاً نحو المدرسة لألحق بالدوام منذ بدايته، تماماً كأيّ موظفٍ نشيط ومتفانٍ.

"غسل وجهك يا قمر .. بالصابونة والحجر .."
-راحت تصدح كلمات أغنية ريم بندلي الشهيرة من مذياع صغير أنتظر منه نشرة إخباريّة صباحيّة-

رحت أفكر في كلماتها بينما كنت أغسل وجهي، هل هي إشارة أنّ من يغسل وجهه سيبدو مثل القمر؟!
أو ربما هي دعوة لمنع المناظر المفزعة صباحاً؟!
ربما يدعم ذلك تلك الدعوات الإضافيّة لتمشيط الشعر والحفاظ عليه؟!

- هذا كتابي، هذه أقلامي، هذه طباشيري الملونة، ..
-رحت أعدّ أغراضي المدرسيّة متفقداً تلك التي عليّ اصطحابها-

- يااااه، علي استبدال الطباشيري بالأقلام المائيّة.
-قلت صارخاً بعدما تذكرت أنّ المدرسة قد استبدلت الالواح الخشبيّة بأخرى بيضاء- فعدت أدراجي لأستبدل الأقلام، وأثناء ذلك انتبهت لغياب دفتر التحضير عن محفظتي.

- أين دفتر التحضير؟! لقد كان هنا!! -قلت صارخاً بانفعال غير مفهوم-

رحت أبحث سريعاً، أقلب الدفاتر وأثني الأوراق، دون أيّ فائدة. لكنّ أثمر ذلك أنّ وضعت دفتر العلامات في مكانه-

وجدت دفتر التحضير بعد طول عناء، أمسكته ورميت به داخل محفظتي، لكنّي ما لبثت أن ضربت يدي على جبيني:

- يااه، لم أكتب تحضير دروس اليوم!!! ماذا سأفعل؟!

قرّرت التفكير فيما بعد عن حلّ هذه المسألة العويصة، وفتحت باب منزلي مهرولاً على الدرج، علّني ألحق التاكسي، وأصل قبل الثامنة صباحاً -موعد الاصطفاف الصباحي إيذاناً ببداية اليوم الدراسي-.

وصلت عند السابعة والنصف إلى المدرسة، وهو وقت مبكّر جداً، فقد وجدت الشوارع خاليّة على غير العادة، إذ كانت حركة المارة شبه معدومة، وهو لسبب غريب لم أفهمه!!

حاولت التفكير عن الجواب، لكنّي لم أستطع فالمحفظة كانت تأنّ تحت ثقل أغراضي مما جعلها أثقل من وزن شنطة الطالب التي يُضرب بها المثل.

- أوف، لماذا الأبواب مغلقة!!!!!!!
صرخت في هذا الهواء، المنعش الذي يُشعر المرء بتنشقه البهجة والسرور.

- ياا أستااذ، ما بك تصرخ هكذا؟! هل بك شيء؟!!
-هرولت جارة المدرسة تسأل مطمئنّة عنّي-

- الساعة تزحف نحو الثامنة، والمدرسة مغلقة!!!!!
-قلت باستغراب شديد-

- أستااااذ، هل أصابك الجنون، هل بعقلك لوثة؟! ما بك؟! ماذا جرى لك؟!! إنّ اليوم عطلة!!

- ماذاااا، عطلة؟!!!
-قلت بصوت متهدّج، بان منه الفرح، وإن حاولت أن أخفيه لاحقاً-

انطلقت فرحاناً، كما يفعل الطلاب في نهاية العام الدراسي حين رمي كتبهم، ثمّ قرّرت الانطلاق نحو البحر علّني أمتلك الشجاعة لرمي محفظتي.

أحمد هاجر- ٢٤-١٢-٢٠١٦

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق