نسيان محفظتي


ما إن مددّت يدي لأدفع الأجرة حتى انتبهت إلى نسيان ما معي من مال في منزلي، فرحت أبحث في محفظتي وجيوبي عما أحمله فوجدت المبلغ قد قارب الثلاثين ألفاً.!! 

- مبلغٌ جيد، وأنا لا أحتاج لنصفه حتى أعود لمدينتي! -قلت في نفسي- 

وصلت إلى مبنى الجامعة لأنهي بعض الأوراق، فقيل لي أنّها بحاجة لساعتين لإتمامها. قرّرت عندها الاستفادة من هذا الوقت والذهاب إلى وزارة التربيّة للحصول على إحدى الإفادات. 

لكنّ هذا الانتقال لم يكن في الحسبان، إذ كلّفني نصف ما أملك معي عدّاً ونقداً!!

- يا إلهي، لقد بقي معي أقل من عشرين ألفاً!!
- كيف سأتدبّر أمري الآن؟!
- حسناً، اصمت، فالسائق قد أدار جهاز التكيف، أليس لهذا سعر؟!

كنت أهمس في سرّي متذمراً، فصحيح أنّها المرّة الأولى التي أنتقل في العاصمة بمبلغ بسيط من المال، وهي المكان المعروف بغلاء أسعاره. لكنّ قطع المسافات فيها يأخذ وقتاً طويلاً، فهو يتجاوز أحياناً المدّة المطلوبة للوصول إلى طرابلس والعودة منها. لذلك رأيت نفسي مضطراً لدفع قرابة ضعفي المبلغ المعتاد لأصل بسرعة إلى مقصدي!!.
ومع ذلك، لم يشفع هذا الأمر لي، إذ مرّت ساعة وربع الساعة دون أن يلوح مبنى الوزارة في الأفق.!!

أخيراً .. كانت عقارب الوقت تُشير إلى الواحدة ظهراً، حين أخرجت مالي وقسمته بين أجرة الطريق أولاً -كي أضمن عودتي على الأقل- وتركت الباقي لأشتري شيئاً آكله.

ثمّ لما اكتشفت فائضاً لدي، قرّرت أن أتشبرق بقطعة من الكيك وفنجان من النسكافيه، ظللّت أرتشفه طوال الطريق، وأنا أستمع لنقّ شاب عشريني، ذو شعر طويل وقد نسي ربطه!!
في منتصف الطريق، أتت محاسن الصدف، عبر ركوب فتاة بجانبه أبت إلّا أعطاءه ربطة شعرها، لتُحَلَّ مشكلته، وترحمنا من إزعاجه!!!
راح هذا الشاب في نومٍ عميق، وعندها تحولت محاسن الصدف إلى مساوئ القرف، فها أنا الآن أُطرب بصفيره وشخيره!!!
فيا محلى النق، ولا الشخير والبق!! 

أحمد هاجر- 6-7-2017

-الصورة في غرفة الذكريات الجامعيّة، الغرفة 112- 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق