هل فسدت مياه الأمطار؟




حينما تتشكّل الغيوم كقاطراتٍ تركبها الريح وتُسيّرها نحو تلك الفيافي الواسعة، فاعلم أنّ الدنيا على وشك البكاء! 
فبه تتحوّل الأرض البور المقفرة، لمساحاتٍ خضراء مزهرة. لكنّ ومنذ اختُرعت الدموع الاصطناعيّة، وانتشر الكذب حتى في البكاء، تغيرت الغيوم وتبدّلت الأرض! 
لا بُدّ أنّك ستسأل كيف حصل ذلك!

- حسناً، اسمع: من الطبيعي أن يرتحل الناس مسرعين إلى أماكن وجود المياه، ذلك لضرورة استخدامها في شربهم، وريّ مزروعاتهم، حتى ندر وجود أرضٍ ترابيّة دون نبات وشجر.

- آه، إذا أنت تقصد أن الماء هو الحياة!

- ذاك كان منذ زمنٍ بعيد، قليلٌ من الماء كان كافياً لنشر الحياة في كل روح، لكن لعن الله الجفاف فقد أفسد القلوب التي لم تعد ترتوي أبداً، فمالت عن حياة الماء لحيوات أخر!

- لكنّ ما دخل الجفاف بالقلوب؟!

- ألم يكن المطر يغسل البشر قبل الحجر؟! لكنّ منذ أن قلّت الأمطار اتسخت القلوب، فهي اليوم في رحلة البحث عن ما يُنظفها!

- لكن، مهلاً .. ما يزال هناك مطر، وما تزال هناك قلوباً ترتوي، وزروعاً تُثمر!!

- أووه .. يا لك من جاهل، غير حاذق، ألم تلحظ كيف أصبحت الأمطار تُحيل الأرض بيوتاً عاليّة، مشيّدة! حتى أنّ تأثير الماء قد بات محصوراً في كونه أداة حتٍّ ونحتٍ وأكلٍ في هذه الحجارة الناشئة.

- بما أنّ الزرع لم يعد ينبت أصلاً، فما نراه إذاً ليس سوى نبات كاذب!

- يا بني .. وكيف ينبت الزرع، وبذوره تُلقى على طرقات اسفلتية لا تطلب الماء إلّا لتُحوّله لسيول هادرة تُخرّب ما ندر من زرع، وتُبقي جوف الأرض في ظمأ شديد؟!

- صدقاً لم أفهم ما ذنب هذه الغيوم المسكينة؟! ولم أعرف كيف تغيّرت؟!

- ذنبها أنّ نيتها تغيّرت، فسدت، تلوّثت، أفيَصحُّ تطهّرُ القلوب بماء فاسد؟!

وكانت قطراتٌ من الماء قد بلّلتني، فهرولت مبتعداً وأنا أتساءل أمُلوّثة هي أم صافية؟!

أحمد هاجر 12-10-2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق