من أجمل الأمور التي تحصل في الباص، هي تلك المناقشات الصباحيّة التي تتناول شتى الأمور السياسيّة، الثقافيّة، الرياضيّة، وصولاً لتعلّم الطبخ. لكنّها ما لبثت أن تحوّلت اليوم إلى مناوشات ساخنة أشبه ما تكون بعواصف من الغضب والرغبة بالانتقام، وقد تمحور جدال اليوم حول قرارات الإعفاء التي صدرت بالأمس، والتي رآها الكثيرون ظالمة، ولا تعكس سوى وجه الاستبداد المجمّل بإسم التربيّة، والسائد في الكليّة بنورها البرّاق، وهو في الحقيقة ضوء نار تحرق من يقترب منها. ومع ذلك، كُثرٌ يتمنّون الاقتراب منها ظانين أنّها جنّة من الجنان!
- بالله عليكم، كيف يُمكن أن تُعفى -فلانة- من هذه المادة؟ ما هي الأسس التي اعتمدوها؟!
- وتلك الأستاذة، أليست دكتورة في اختصاصها، لم لم تُعفَ سوى من مادة واحدة؟! أيُعقل هذا؟!
- لقد درست علم نفس، وأشرت لهم بدائرة على كلّ المواد، ومع ذلك لم أُعفَ من المادة!!!!
- أيّ ظُلم هذا؟!
- إنّ الأمور قد فاقت حدّها، ظُلمٌ في المعاشات، وظُلمٌ في التعامل، وظُلمٌ في الأبحاث، وظُلمٌ الآن في الإعفاءات!!
- فعلاً، طفح الكيل، ألا ينبغي أن نُصعّد؟!
- ربما، لكن دعونا نقابل العميدة أولاً، فهي متفهمةٌ إلى أقصى الحدود كما نسمع!
- تذكروا إخبارها إذاً أنّ الظُلم ظلمات، وأنّ رحمة العباد تُزيل البلاءات!
بينما كانت لطشات من تلك الكلمات تصل لمسامعي التي قرّرت اليوم البقاء مستيقظة -على غير العادة- رُحتُ أُفكّر أيضاً في الظُلم الواقع علينا نحن من أنجز دورات الإعداد للتعليم الأساسي قبل سنواتٍ قليلة، وذلك من كليّة التربيّة بذاتها، ثمّ ها هي تُتحفنا برفضها الاعتراف بتلك المواد التي درّستنا إياها، متذرّعة بذرائع مختلفة واهية ربّما!
فعلاً عجيبة هذه الكليّة، وعجيبٌ كلّ ما فيها: إدارتها، أساتذتها، مدرّبيها، مناهجها، وحتى المعلّمين المتربين فيها!! ورُبّما إن قُيّد لي إجراء بحثٍ تربويّ، فرُبّما أختار عنوانه: "مناهج كليّة التربيّة بين النظرية والتطبيق الواقعيّ" ذلك أنّه ما من إنسان يسمع باسمها إلّا ويترحّم على من فيها، حتى أنّ أحدهم قال لي مازحاً: "الداخل إليّها مفقود والخارج منها مولود"!
في وقت كانت أرتال السيّارات قد بدأت بالتكدّس في مُعاناة ازدحام بيروت اليوميّ، دار المذياع وعلا صوت فيروز "سنة عن سنة .. عم تغلا عقلبي عهد الولدنة" هدأ الجميع ودخلوا في نومٍ خفيف آملين أن يحلموا بوصول اليوم الدراسيّ الأخير وهم في عداد الأحياء لا الأموات. وكأنّ لسان حالهم يقول:
"ما بين الإعفاء والإعفاءات، تبقى العافيّة هي الأهم"
أحمد هاجر- 14-11-2017
- بالله عليكم، كيف يُمكن أن تُعفى -فلانة- من هذه المادة؟ ما هي الأسس التي اعتمدوها؟!
- وتلك الأستاذة، أليست دكتورة في اختصاصها، لم لم تُعفَ سوى من مادة واحدة؟! أيُعقل هذا؟!
- لقد درست علم نفس، وأشرت لهم بدائرة على كلّ المواد، ومع ذلك لم أُعفَ من المادة!!!!
- أيّ ظُلم هذا؟!
- إنّ الأمور قد فاقت حدّها، ظُلمٌ في المعاشات، وظُلمٌ في التعامل، وظُلمٌ في الأبحاث، وظُلمٌ الآن في الإعفاءات!!
- فعلاً، طفح الكيل، ألا ينبغي أن نُصعّد؟!
- ربما، لكن دعونا نقابل العميدة أولاً، فهي متفهمةٌ إلى أقصى الحدود كما نسمع!
- تذكروا إخبارها إذاً أنّ الظُلم ظلمات، وأنّ رحمة العباد تُزيل البلاءات!
بينما كانت لطشات من تلك الكلمات تصل لمسامعي التي قرّرت اليوم البقاء مستيقظة -على غير العادة- رُحتُ أُفكّر أيضاً في الظُلم الواقع علينا نحن من أنجز دورات الإعداد للتعليم الأساسي قبل سنواتٍ قليلة، وذلك من كليّة التربيّة بذاتها، ثمّ ها هي تُتحفنا برفضها الاعتراف بتلك المواد التي درّستنا إياها، متذرّعة بذرائع مختلفة واهية ربّما!
فعلاً عجيبة هذه الكليّة، وعجيبٌ كلّ ما فيها: إدارتها، أساتذتها، مدرّبيها، مناهجها، وحتى المعلّمين المتربين فيها!! ورُبّما إن قُيّد لي إجراء بحثٍ تربويّ، فرُبّما أختار عنوانه: "مناهج كليّة التربيّة بين النظرية والتطبيق الواقعيّ" ذلك أنّه ما من إنسان يسمع باسمها إلّا ويترحّم على من فيها، حتى أنّ أحدهم قال لي مازحاً: "الداخل إليّها مفقود والخارج منها مولود"!
في وقت كانت أرتال السيّارات قد بدأت بالتكدّس في مُعاناة ازدحام بيروت اليوميّ، دار المذياع وعلا صوت فيروز "سنة عن سنة .. عم تغلا عقلبي عهد الولدنة" هدأ الجميع ودخلوا في نومٍ خفيف آملين أن يحلموا بوصول اليوم الدراسيّ الأخير وهم في عداد الأحياء لا الأموات. وكأنّ لسان حالهم يقول:
"ما بين الإعفاء والإعفاءات، تبقى العافيّة هي الأهم"
أحمد هاجر- 14-11-2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق