تقاعد الأستاذ عادل طبوش


منذ صباح الخميس، كنت ألمح أعيناً تُشرق بها قطرات من الدمع، لكنّ الخجل يُحاول أن يُخفيها بابتسامة عابرة، أو ضحكة ساخرة. 

أنهيت حصتي، وولجت المكتبة لأتناول من يديه قطعة البسكويت الأخيرة، التي كانت فطوره اليوميّ مع كوب من الشاي. 

- أربعون عاماً مرّت سريعاً، كالحلم مضت، من يُصدّق؟! ..

- إن شاء الله تبقى بصحة جيدة، والحمد لله على وصولك لهذا السنّ وأنت في كامل نشاطك ..

- الحمد لله، هل تُصدّق منذ سنوات طوال وأنا أسأل نفسي كلما رأيت أحداً يتقاعد، هل سأصل يوماً إلى هذه المرحلة؟!

- هذا سؤال جميع الأساتذة، دعنا نأخذ معاً السلفي الأخيرة اليوم ..

أعدنا التقاط الصورة ثلاث مرات، قبل أن يُردف بقوله الجميل:

- "نيال يلي بياخد معه زوادة حسنة"

بهدوء انسحبت وغادرت إلى الطابق السفلي لأنزوي قليلاً في ركن يُخفي دمعاتي التي تحمل معها ذكريات وذكريات، ورغم أنّ عمرها لا يتجاوز السبع سنين إلّا أنّني اليوم سأفتقد سنداً، وملهماً، وناصحاً، ومربياً.

بفضله أحببت مدرسة مي، وعشت فرداً من عائلتها، وتحمست لسعادتها، لكنّها الآن أضحت ظلّاً ثقيلاً مؤلماً مع تقاعد جلّ من أحببتهم وتعلّمت منهم.

وبينما كنت أفكّر هل سأصل أنا لهذه المرحلة يوماً، انتبهت لبعض الأساتذة يصرخون لينادونني:
- هيي، وين سارح؟! يلا تفضل لحضور تكريم أ. "عادل طبوش .."

أحمد هاجر - 6 -4-2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق