سيلفي مع البرذون


راح يُناديني بإلحاحٍ يطلب مني كسرة من الخبز، وحُجّته في البداية كانت الفقر وقلّة الحيلة. لكنّ كلما سمعت صوته التفت إليه فأرى فمه مغلقاً، يجترّ طعاماً يمنةً ويسرة. فأقول في نفسي: 

- يا له من فجعان أكول، يطلب الطعام ومعه شيء منه.! 

وما إن أهمّ بمتابعة سيري، حتى أعود لسماع صهيلٍ خفيف فيه نبرة الإصرار والرجاء. بعد ثلاث مرات عدّت مسرعاً إلى هذا البرذون الصغير، وفتحت فاهه بقوّة لأجد أسنانه تلوك قطعاً من الجزر والبطاطا والبصل، فأنّبتُه:

- أيُعقل أن تطلب شيئاً تملكه؟! ثم ألّا يوجد من يهتمّ بإطعامك هنا؟!

- هااا، أنا أريد خبزاً لأُبدّل طعم فمي، وأزيل الرائحة منه، تَكَرّم عَليَّ رجاء!!

- شحاد ومشارط كمان! -قلت بابتسامة ساخرة-

- لست كذلك، بل أريد قطعة خبز فقط، ولعلمك هي بالنسبة لي كأكوام الحلويات عندكم. -صهل محتدّاً-

ضحكت من كلامه، ثمّ بحثت طويلاً حتى وجدت ما طلبه، فأحضرت له كيساً من الخبز رميته أمامه قائلاً له:

- هذه حلواك يا قليل الحيلة، تفضل كُلّها بالهناء والشفاء.!

بعدها مدّ رأسه مُحاولاً شكري، لكنّ فمه بقي مغلقاً، إذ عَلِق بين دفتي سياجٍ صغير. وما لبث أنّ استدرك حين أدرت ظهري مستعداً للذهاب:

- حقّقلي حلمي، بدي سيلفي ... !!

أحمد هاجر- 21-4-2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق